للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِوَجْدِ الرِّقَابِ كَفَّارَةً وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ ذَلِكَ الصَّوْمَ لَا يُجْزِئُ الْوَاجِدَ مِنَ الرِّقَابِ، فَإِذَا ارْتَفَعَ أَنْ يُجْزِئَهُ مَا صَامَ وَهُوَ وَاجِدٌ لِلرَّقَبَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ إِلا الرَّقَبَةُ، وَلأَنَّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ هُوَ الصَّوْمُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الرِّقَابِ فِي حَالِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ، لَا تَتَحَوَّلُ عَنْ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ صَارَ مِنْ أَهْلِ الرِّقَابِ أَوْ يَكُونَ حُكْمُ وُجُودِ الرِّقَابِ مُعْتَبَرًا فِيهِ إِلَى سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ عَنْهُ فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ الصِّيَامُ إِذْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الرِّقَابِ، فَلَمْ يَصُمْ حَتَّى صَارَ مِنْ أَهْلِ الرِّقَابِ، أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَلا يُجْزِئُهُ الصِّيَامُ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يَكُنْ فَرْضُهُ عِنْدَ عَدَمِ الرَّقَبَةِ فَرْضًا لَا يَتَحَوَّلُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ إِذَا وَجَدَهَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّوْمِ

، وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلا أَنَّ الصَّوْمَ إِنَّمَا يُجْزِئُهُ مَا كَانَ مِنْ أَهْلِ عَدَمِ الرَّقَبَةِ، فَإِذَا صَارَ مِنْ أَهْلِ وُجُودِهَا لَمْ يُجْزِئْهُ وَقَدْ وَجَدْنَا لِذَلِكَ نَظِيرًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ مِنْ فَرَائِضِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ} ، يَعْنِي مِنْ سِوَى الصِّنْفَيْنِ اللَّذَيْنِ جَعَلَ عِدَدَهُمَا الشُّهُورَ، وَكَانَتِ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ إِذَا طُلِّقَتْ فَدَخَلَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَهِيَ الشُّهُورُ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهَا الْحَيْضُ لَمْ تَعْتَدَّ بِمَا مَضَى مِنَ الشُّهُورِ، وَاعْتَدَّتْ بِالأَقْرَاءِ، وَكَانَتْ فِي حُكْمِ مَنْ طَلَّقَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الأَقْرَاءِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ وُجُودِ الرِّقَابِ إِذَا طَرَأَ فِي الصَّوْمِ الْمَجْعُولِ بَدَلا مِنْهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِهِ لَوْ طَرَأَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِ فَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مُضِيِّ قَلِيلِ الصَّوْمِ وَمُضِيِّ كَثِيرِهِ فَلا مَعْنَى لِتَفْرِيقِهِ بَيْنَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} ، فَذَلِكَ مِنَ الْمُحْكَمِ فِي عَدَدِ الْمَسَاكِينَ، وَمِنَ الْمُتَشَابَهِ فِي مِقْدَارِ مَا يُطْعِمُونَ وَفِي الصَّنْفِ الَّذِينَ هُمْ مِنْهُ، فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>