للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما افترقوا في السرّاء والضرّاء ليلا ونهارا في الاقبال على العلم والاشتغال بالعبادة، ثمّ إنّه انعزل عن ذلك بعد ما عقد له مجلس الاملاء، واشتغل بالزهد والعبادة وسافر إلى مرو، وسمع بها الحديث وبسرخس. ثمّ بعد ذلك خرج من نيسابور حاجا وحجّ وجاور مكة تلك السنة.

وتوفي بمكة في شعبان سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة.

وكان عفيف النفس، قصير اليد عن كلّ ما يغلب عليه الشبه، محتاطا في المطعم والمشرب، كثير الاجتهاد، كتب بخطه الأحاديث والفوائد.

وسمع الحديث من مشايخ نيسابور من متقدمي الطبقة الثانية كالنصروي وأبي حسان [المزكي]، وأبي عبد الله المزكي، وأبي عبد الله بن باكويه، والرئيس منصور بن رامش، وطبقتهم [٥٢ أ]. وسمع ببغداد من القاضي أبي الطيب، والجوهري، وأبي يعلى الفرّاء وطبقتهم.

فممّا أخبرنا به الإمام أبو منصور قال: سمعت ابن باكويه يقول: سمعت عامر الدينوري يقول: كان الشبلي قد ضاق صدره ببغداد سماّرية وانحدر إلى البصرة فلمّا صعد في السمارية ضاق صدره، فرجع لوقته حتى بلغ بغداد فلمّا قرب من باب الخليفة فإذا بجارية في الباح تغني بين يدي الخليفة هذا الشعر:

أيا قادما من سفرة الحج مرحبا … أنا ذاك لا أنساك ماهبّت الصبّا

قدمت على قلبي كما قد تركته … كئيبا حزينا بالصبابة متعبا

قال فصاح صيحة ووقع في الدجلة مغشيا عليه فقال الخليفة: الحقوه واحملوه، فحملوه إلى بين يدي الخليفة فقال له: أمجنون أنت؟! فقال: يا أمير المؤمنين من امري كيت وكيت فتحيرت فيما دهري [ظ] يجري علي. فبكى الخليفة مما رآى من حرقة [ظ].

وأنشدنا الإمام أبو منصور، أنشدنا الإمام أبو الحسن ابن علي الجوهري ببغداد [ظ] أنشدنا أبو إسحاق الصابي لنفسه:

ولو استطعت حملت علة جسمه … فقربتما مني بفلة حالي

وجعلت صحبي التي لم ت‍ … صفوا له مع صحة الاقبال

فيكون عندي العليا في الاسما … ء والصحبان له بغير زوال!

وأنشدنا أبو منصور، أنشدنا الدهخداه أبو الفتح عبدوس بن عبد الله الهمذاني عند خروجنا في

<<  <  ج: ص:  >  >>