وكان مع علمه مائلا إلى تعلم الرمي واستعمال الأسلحة والرماح والسيوف.
ثمّ لمّا أراد القعود للتدريس في مدرسة أبيه بعده منع من ذلك فصار يدرّس في مسجد المطرّز وتحزّب الفقهاء والطلبة أحزابا من خواص أبيه، فمنهم من راعى حقّ والده فبقي معه، ومنهم من تحول رهبة لا رغبة إلى غيره.
ولم يزل يمارس الأيام والعلوم والوعظ إلى أن برز فيه وفاق وكان يقصد فتوجه إلى خدمة نظام الملك فأجلّ مثواه واحترمه وأكرمه.
وعاد إلى نيسابور فظهر قبوله واجتمع العالم عليه بأجمعهم وعاد إلى موضع والده.
واتفق أنّه في بعض فترات السلاطين قصد نيسابور خارجي فتولّى الأمر بنفسه وأعوانه وقهره وهزمه، فازداد بذلك رفعة وحرمة، وصارت الأمور معذوقة به وجميع الصدور والأكابر والعلماء تحت طاعته وامره وعظم. فاتفق أنّه ذات يوم بسط لسانه في حقّ بعض السلاطين أنه قليل الدين فرفع إليه فأخذه اختلافا وقتله بالحيلة وتركه موضعه ورحل، وحين أحسّوا به خرجوا إليه وحملوه إلى البلد، وقامت القيامة وأظهر الناس الجزع، وكان هذا آخر أمره بتاريخ شعبان سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة، وقتل في ذلك جماعة من المتهومين بالسعي فيه، منهم أبو البركات الثعالبي الملقب بأوحد الملك وقتلوه وقطّعوه، فرزقه الله تعالى مع علمه الشهادة.
سمع الحديث في صباه وسمع الصحيح من الحفصي عن الكشميهني وسمع من والده.