للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ترتيب حشمته ونوبه، وكان يحضر مجالسه، ويثنى عليه، مع تكبّره فى نفسه، وكذلك سائر الأئمة، كالأستاذ الإمام أبى إسحاق الإسفراينىّ، والأستاذ أبى بكر بن فورك، وسائر الأئمّة كانوا يحضرون مجلس تذكيره، ويتعجبّون من كمال ذكائه، وعقله، وحسن إيراده الكلام، عربيّه وفارسيّه، وحفظه الأحاديث، حتى كبر، وبلغ مبلغ الرّجال، وقام مقام أسلافه فى جميع ما كان إليهم من النّوب.

ولم يزل يرتفع شأنه، حتى صار إلى ما صار إليه، من الحشمة التّامّة، والجاه العريض، وهو فى جميع أوقاته مشتغل بكثرة العبادات، ووظائف الطّاعات، بالغ فى العفاف، والسّداد، وصيانة النفس، معروف بحسن الصلاة، وطول القنوت، واستشعار الهيبة، حتى كان يضرب به المثل فى ذلك.

وكان محترما للحديث، ولثبت الكتب.

قرأت من خطّ الفقيه أبى سعيد السّكّرىّ، أنه حكى عن بعض من يوثق بقوله من الصالحين، أن شيخ الإسلام، قال: ما رويت خبرا، ولا أثرا فى المجلس، إلاّ وعندى إسناده، وما دخلت بيت الكتب قطّ، إلا على طهارة، وما رويت الحديث، ولا عقدت المجلس، ولا قعدت للتّدريس قطّ، إلا على الطهارة.

وقال: منذ صحّ عندى أن النبىّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ بسورة الجمعة والمنافقين، فى ركعتى صلاة العشاء، ليلة الجمعة، ما تركت قراءتهما فيهما.

قال: وقد كنت فى بعض الأسفار المخوفة، وكان أصحابى يفرفون من اللّصوص وقطّاع الطريق، وينكرون علىّ فى التّطويل بقراءة السورتين، وغير ذلك، فلم أمتنع عن ذلك، ولم أنقص شيئا مما كنت أواظب عليه فى الحضر، فتولاّنا الله بحفظه، ولم تلحقنا آفة.

وقرأت من خط السّكرىّ أيضا، قال: قرأت فى كتاب كتبه الإمام سهل الصّعلوكىّ، إلى زاهر بن أحمد الإمام بسرخس، حين قصد الأستاذ الإمام إسماعيل أن يرحل إليه: لسماع الحديث صباء، قعد ما قتل أبوه شهيدا، وفى الكتاب بعد الخطاب: «وإذا عدّت الأحداث التى كانت فى هذه السّنين الخالية قطارا، أرسالا، ومتّصلة اتّصالا، ومتوالية حالا فحالا، كان أعظمها نكاية فى الدّين، وجناية عليه، ما جرى من الفتك بأبى نصر الصّابونىّ، رحمه الله، نهارا؛ والمكر الذى مكر به كبّارا؛ كما إذا عدّت غرائب الوقت، وعجائبه فى الحسن، كان بولده الولد الفقيه أبى عثمان

<<  <  ج: ص:  >  >>