قد ذكرنا التيمن وهو ربع القبلة فلنذكر الآن ربع الجربي وهو ربع الشمال وما فيه من المدائن والكور.
من أراد من بغداد إلى المدائن وما والاها مما على حافتي دجلة من المدن والطساسيج: واسط، والبصرة، والأبلة، واليمامة، والبحرين، وعمان، والسند، والهند خرج من بغداد فسلك أي الجانبين أحب الشرقي من دجلة، أو الغربي في قرى عظام فيها ديار الفرس حتى يصير إلى المدائن وهي على سبعة فراسخ من بغداد.
والمدائن دار ملوك الفرس، وكان أول من نزلها أنو شروان وهي عدة مدن في جانبي دجلة، فالجانب الشرقي فيه المدينة التي يقال لها: العتيقة فيها القصر الأبيض القديم الذي لا يدرون من بناه، وفيها المسجد الجامع الذي بناه المسلمون لما افتتحت.
وفي الجانب الشرقي أيضا المدينة التي يقال لها: أسبانير «١» ، وفيها إيوان كسرى العظيم الذي ليس للفرس مثله، ارتفاع سمكة ثمانون ذراعا وبين المدينتين مقدار ميل، وفي هذه كان ينزل سلمان الفارسي، حذيفة بن اليمان وبها قبراهما.
ثم تلي هاتين المدينتين مدينة يقال لها الرومية التي يقال أن الروم بنتها لما غلبت على ملك فارس وبها كان أمير المؤمنين المنصور لما قتل أبا مسلم.
وما بين هذه المدن الثلاث متقارب الميلين والثلاثة الأميال. في الجانب الغربي من دجلة مدينة يقال لها: بهر سير، ثم ساباط المدائن على فرسخ من بهر سير فما كان من جانب دجلة الشرقي فشربه من دجلة، وما كان من جانب دجلة الغربي فشربه من الفرات يأتي من نهر يقال له: نهر الملك يأخذ من الفرات.