ومدينة برقة «١» في مرج واسع وتربة حمراء شديدة الحمرة وهي مدينة عليها سور وأبواب حديد وخندق، أمر ببناء السور المتوكل على الله، وشرب أهلها ماء الأمطار يأتي من الجبل في أودية إلى برك عظام قد عملتها الخلفاء والأمراء لشرب أهل مدينة برقة، وحوالي المدينة أرباض لها يسكنها الجند وغير الجند، وفي دور المدينة والأرباض أخلاط من الناس وأكثر من بها جند قدم قد صار لهم الأولاد والأعقاب، وبين مدينة برقة وبين ساحل البحر المالح ستة أميال.
وعلى ساحل البحر مدينة يقال لها أجية بها أسواق ومحارس ومسجد جامع وأجنة ومزارع وثمار كثيرة وساحل آخر يقال له طلميثة ترسي المراكب فيه في بعض الأوقات ولبرقة جبلان أحدهما يقال له الشرقي فيه قوم من العرب من الأزد ولخم وجذام وصدف وغيرهم من أهل اليمن، والآخر يقال له الغربي فيه قوم من غسان وقوم من جذام والأزد ونجيب وغيرهم من بطون العرب.
وقرى بطون البربر من لواتة من زكودة ومفرطة وزنارة، وفي هذين الجبلين عيون جارية وأشجار وثمار وحصون وآبار للروم قديمة.
ولبرقة أقاليم كثيرة تسكنها هذه البطون من البربر، ولها من المدن برنيق «٢» وهي مدينة على ساحل البحر المالح ولها ميناء عجيب في الاتفاق والجودة تجوز فيه المراكب وأهلها قوم من أبناء الروم القدم الذين كانوا أهلها قديما وقوم من البربر من تحلالة وسوة ومسوسة ومغاغة وواهلة وجدانة.
وبرنيق من مدينة برقة على مرحلتين ولها أقاليم منسوبة إليها، ومدينة أجدابية وهي مدينة عليها حصن وفيها مسجد جامع وأسواق قائمة من برنيق إليها مرحلتان.
ومن برقة إليها أربع مراحل وأهلها قوم من البربر من زنارة وواهلة ومسوسة وسوة وتحلالة وغيرهم وجدانة وهم الغالبون عليها، ولها أقاليم وساحل على البحر المالح على مقدار ستة أميال من المدينة ترسى به المراكب، وهي آخر ديار لواتة من المدن.