هو أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح الكاتب الأصبهاني الإخباري الشهير باليعقوبي، وبابن الواضح، وكان يقال له: مولى بني العباس، ومولى بني هاشم، لأنّ جده كان من موالي المنصور الدوانيقي الخليفة العباسي، وكان هو بحّاثة في التأريخ، وأخبار البلدان، ولقد أعطى التنقيب حقّه في سياحته في البلاد شرقا وغربا، ودخل بلاد فارس وأطال المقام في بلاد أرمينية وكان فيها سنة ٢٦٠ [هـ] ، ودخل الهند أيضا والأقطار العربية، فالشام فالمغرب إلى الأندلس، وأغرق نزعا في البحث فطفق يسائل أهل الأمصار عنها وعنهم، وعن عاداتهم، ونحلهم، وحكوماتهم، وعن المسافات بين البلاد، فإذا وثق بنقلهم أثبته في كتابه.
وذكر من فتح البلاد من الخلفاء والأمراء ومبلغ خراجها، فلم يدع صغيرة ولا كبيرة وقف عليها إلا وأحصاها في الكتاب، فجاء مصنفه «كتاب البلدان» أقدم مصدر جغرافي، وأوثقه لما تحمّله في تأليفه من جهد وعناء وعناية وحسن بلاء.
وكان نبوغه في القرن الثالث لأنه كان حيا سنة ٢٩٢ هـ، ففي ليلة عيد الفطر منها تذكّر ما كان عليه بنو طولون في مثل هذه الليلة من بلهنية «٢» العيش، والنعيم الرغيد، والوفر السابغ ورثاهم بأبيات مطلعها:[الكامل]
إن كنت تسأل عن جلالة ملكهم ... فارتع وعج «٣» بمراتع الميدان
إذا فلا يكاد يصح ما في معجم الأدباء عن أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب المصري في تأريخه من أن اليعقوبي توفي سنة ٢٨٤ [هـ] ، ولا ما ذكره الزركلي في