وفي هذا الشارع قطائع المغاربة كلهم أو أكثرهم، والموضع المعروف بالأزلاخ الذي عمّر بالرجالة المغاربة في أول ما اختطّت سرّ من رأى، واتّسع الناس في البناء بسرّمن رأى أكثر من اتّساعهم ببغداد، وبنوا المنازل الواسعة إلا أن شربهم جميعا من دجلة مما يحمل في الروايا «١» على البغال وعلى الإبل لأن آبارهم بعيدة الرشاء «٢» ، ثم هي مالحة غير سائغة فليس لها اتّساع في الماء.
ولكن دجلة قريبة والروايا كثيرة، وبلغت غلات ومستغلات سرّ من رأى وأسواقها عشرة آلاف ألف درهم في السنة، وقرب محمل ما يؤتي به من الميرة من الموصل، وبعربايا، وسائر ديار ربيعة في السفن في دجلة فصلحت أسعارهم.
ولما فرغ المعتصم من الخطط ووضع الأساس للبناء في الجانب الشرقي من دجلة وهو جانب سرّ من رأى عقد جسرا إلى الجانب الغربي من دجلة فأنشأ هناك العمارات والبساتين والأجنّة، حفر الأنهار من دجلة وصيّر إلى كل قائد عمارة ناحية من النواحي، وحمل النخل من بغداد، والبصرة، وسائر السواد، وحملت الغروس من الجزيرة، والشام، والجبل، والرّيّ، وخراسان، وسائر البلدان فكثرت المياه في هذه العمارة في الجانب الشرقي بسرّمن رأى وصلح النخل وثبتت الأشجار وزكت الثمار وحسنت الفواكه، وحسن الريحان، والبقل، وزرع الناس أصناف الزرع، والرياحين، والبقول، والرطاب.
وكانت الأرض مستريحة ألوف سنين، فزكا كل ما غرس فيها وزرع بها حتى بلغت غلة العمارات بالنهر المعروف بالإسحاقي وما عليه والإيتاخي، والعمري، والعبد الملكي، ودالية ابن حمّاد والمسروري، وسيف والعربات المحدثة، وهي خمس قرى، والقرى السفلى، وهي سبع قرى، والأجنة، والبساتين، وخراج الزرع أربع مائة ألف دينار في السنة.
وأقدم المعتصم من كل بلد من يعمل عملا من الأعمال، أو يعالج مهنة من مهن العمارة، والزرع، والنخل، والغرس، وهندسة الماء، ووزنه، واستنباطه، والعلم