حولت إلى الكعبة قبلوا خبره، وتركوا الجهة التي كانوا عليها، واستداروا إلى القبلة، ولم ينكر عليهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؛ بل شكروا على ذلك، وكانوا على أمر مقطوع به من القبلة الأولى.
فلولا حصول العلم لهم بخبر الواحد لم يتركوا المقطوع به، المعلوم لخبر لا يفيد العلم، وغاية ما يقال فيه أنه خبر اقترن به قرينة، وكثير منهم يقول:"لا يفيد العلم بقرينة ولا غيرها، وهذا في غاية المكابرة".
ومعلوم أن قرينة تلقي الأمة له بالقبول وروايته قرنا بعد قرن من غير نكير من أقوى القرائن وأظهرها, فبأي قرينة فرضتها، كانت أقوى منها.
والثالث: قوله: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} الإسراء- ٣٦- أي لا تتبعه ولا تعمل به، ولم يزل المسلمون من عهد الصحابة يقفون أخبار الآحاد ويعملون بها، ويثبتون للَّه تعالى بها الصفات، فلو كانت لا تفيد علمًا لكان الصحابة والتابعون وتابعوهم وأئمة الإسلام كلهم قد قفوا ما ليس لهم به علم.