وهذا مما غفل عنه كثير من المتكلمين في مسائل الإيمان؛ حيث ظنوا أنه مجرد التصديق دون الأعمال، وهذا من أقبح الغلط وأعظمه. فإن كثيرًا من الكفار كانوا جازمين بصدق النبي صلى اللَّه عليه وسلم غير شاكين فيه، غير أنه لم يقترن بذلك التصديق، عمل القلب من حب ما جاء به والرضا به وإرادته، والموالاة له والمعاداة عليه.
فلا تهمل هذا الموضوع فإنه مهم جدًا، به تعرف حقيقة الإيمان، فالمسائل العلمية عملية، والمسائل العملية علمية، فإن الشارع لم يكتف من المكلفين في العمليات بمجرد العمل دون العلم، ولا في العمليات بمجرد العلم دون العمل.
ومما يوضح لك أنه لا بد من اقتران العقيدة في العمليات أيضًا أو الأحكام أنه لو افترض أن رجلًا يغتسل أو يتوضأ للنظافة أو يصلي تريضًا أو يصوم تطبيبًا، أو يحج سياحة، لا يفعل ذلك معتقدًا أن اللَّه تبارك وتعالى أوجبه عليه وتعبده به لما أفاده ذلك شيئا، كما لا يفيده معرفة القلب إذا لم تقترن بعمل القلب الذي هو التصديق كما تقدم.
فإذن كل حكم شرعي عملي يقترن به عقيدة لا بد وأن يرجع إلى الإيمان بأمر غيبي لا يعلمه