بعض الحنابلة زعم، وعبارة المواقف، وقال الحنابلة" ولم تقل للعبارة، وفريق آخر من بعض الحنابلة، ولم تقل زعم بل قالت "قال الحنابلة" وقال: إن القرآن بحروفه وأصواته قديم، والحال أن عبارة المواقف كلامه حرف وصوت يقومان بذاته، وأنه قديم، ولم تقل العبارة: القرآن بحروفه وأصواته قديم، ولا شك أن بين العبارتين فرقا، وبيانه أن قوله: بحروفه إن كان الضمير راجعا للقرآن فهو معقول، لكن وأصواته، فإن كان الضمير للقرآن فهو فاسد، لأن القرآن لا صوت له، وإن كان يقصد صوت القارئ فلم تقل الحنابلة بقدمه كما سيأتي، وعبارة المواقف ليس فيها إضافة إلى الضمير حتى يرد عليها ما يرد على ما نقله أحمد أمين، وإنما قصد صاحب المواقف أن يقول: إن الحنابلة تقول: "كلام اللَّه قديم مع كونه بصوت وحرف خلافًا للأشاعرة" ولا تعطي عبارته صوت القارئ وأنه قديم، وإن بعضهم نسب إليهم هذا.
فعبارة أحمد أمين توحي أن كلام المواقف حول القرآن، وليس الأمر كذلك، بل عبارة المواقف عن كلام اللَّه من حيث هو بقطع النظر عن القرآن وغيره، ومن المقارنة بين العبارتين يتبين بكل وضوح أن أحمد أمين لم يتحر الدقة في النقل، ولعله نقل بالمعنى وتصرف فيه، أما قوله: نقلا عن المواقف وقد بالغوا فيه حتى قال بعضهم جهلا: الجلد والغلاف قديمان، فهذه العبارة نقلها صحيح من المواقف (أما كلمة فضلا عن المصحف) فهذه الكلمة من الشراح وليست من متن المواقف.
وها أنا أشرع في الجواب بعون الملك الوهاب، فأقول إن هذا السؤال يشتمل على مسألتين:
(الأولى) : قوله (وفريق آخر من بعض الحنابلة زعم أن القرآن بحروفه وأصواته قديم) .