للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى هذا القول، إنما جاء عن طائفة ولم يسمَ أحدٌ منهم، قال ابن حزم: "وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا حَدَّ فِيهَا أَصْلًا؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْرِضْ فِيهَا حَدًّا" (١).

وقال ابن حجر: "قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ … وَتَبِعَهُ على نقل الْإِجْمَاع بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَالنَّوَوِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الطَّبَرِيّ وبن الْمُنْذِرِ وَغَيْرَهُمَا حَكَوْا عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْخَمْرَ لَا حَدَّ فِيهَا وَإِنَّمَا فِيهَا التَّعْزِيرُ" وقد ذكر ابن حجر أن الأدلة التي استدلوا بها كانت في بداية عقوبة الخمر في عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال: "إنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَحَرَّى مَا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ضَرَبَ السَّكْرَانَ فَصَيَّرَهُ حَدًّا وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ وَكَذَا اسْتَمَرَّ مَنْ بَعْدَهُ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْعَدَدِ" (٢).

وإن كان هذا الإجماع لا يعد إجماعًا قطعيًا، لكن فيه دلالة على أن القول بأنه تعزير وليس حدًا أتى متأخرًا، سواء سمي القائل به أو لم يسمَ، لكن لم يسمَ من قال به، وقد أخذ به ابن


(١) المحلى، لابن حزم ١٢/ ٣٦٥.
(٢) فتح الباري، لابن حجر ١٢/ ٧٢.

<<  <   >  >>