للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ" (١).

وفي إقراره لهم -صلى الله عليه وسلم- على هذا الاختلاف دون بيان أي الطائفتن على الحق دلالة على أن الحق هو أن على كل مجتهد أن يجتهد ويبين ما غلب على ظنه أنه الحق، وأنه لا يكلف أكثر من ذلك، وأما الذين اختلفوا من الفقهاء "أيهما كان أصوب؟ فقالت طائفة: الذين أخروها هم المصيبون، … وقالت طائفة أخرى: بل الذين صلوها في الطريق في وقتها حازوا قصب السبق " (٢)، فقد أجازوا من حيث لا يقصدون أن يسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيان الحق في هذه القضية، وأن يترك الصحابة -رضي الله عنهم- دون أن يبين لهم الحق وقت الحاجة، ومن المقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولو سكتوا كما سكت النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام -رضي الله عنهم- وأقروا الطائفتين على اجتهادهم لكان خيرًا لهم وأقوم.


(١) رواه البخاري، كتاب صلاة الخوف، باب صلاة الطالب والمطلوب راكبًا وإيماءً، برقم ٩٤٦، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين المتعارضين، برقم ١٧٧٠.
(٢) زاد المعاد، لابن القيم ٣/ ١٣١.

<<  <   >  >>