للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الإشكال على رأي من يرى أن الحق في كل واقعة معين، وعلى المجتهد أن يصيبه (١)، وأن الأمة لا تخلو من مصيب للحق، أما من يرى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى كُلِّ مُجْتَهِدٍ إلا الاجتهاد وأن يقول مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ (٢)، فلا يَرد عليه هذا الإشكال؛ لأن الأئمة المتقدمين قد أدوا ما كلفوا به حسب اجتهادهم وفق الأصول، وأن الذي خالفهم من المتأخرين قد أدى ما كلف حسب اجتهاده وفق الأصول.

ولا يستطيع أحد منهم أن يجزم بأنه أصاب الحق مالم يكن في الواقعة نص قطعي الدلالة والثبوت أو كان الإجماع قطعيًا فيها، بل كلٌ يقول ما يغلب على ظنه أنه الحق، وقد أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة الذين بعثهم إلى بني قريظة على اجتهادهم في أداء وقت صلاة العصر، مع الاختلاف بين الاجتهادين، فعن ابن عمر -رضي الله عنه-، قال: "قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ العَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا،


(١) انظر: المستصفى، للغزالي، ص ٣٥٢.
(٢) انظر: المستصفى، للغزالي، ص ٣٥٢.

<<  <   >  >>