الذين صاحوا فيهم، وصرفوهم عن دار الشيخ، وعندها أدرك الشيخ أنه لا بد من
قوة تحمي هذه الدعوة الناشئة الغضة في هذه البيئة التي تراكمت عليها الأتربة
ورأى أنه من الخير له أن ينتقل إِلى موطنه الأول، حيث إِخوانه، وأصدقاؤه الذين
يحمونه، ويحمون دعوته، ويردّون عنه، وعنها الأعادي.
وقد رحّبت "العيينة" بالدعوة، وصاحبها أفضل ترحيب، وأنزلت الشيخ منْزلته اللائقة
به، وأيده أميرها عثمان بن معمر، تأييدا دفع الشيخ إِلى إِزالة المنكر عمليا، فبدأ
يعمل على إِقامة الحدود، وهدم القباب، والمشاهد، والمزارات، والنصب، التي كان
العامة يقصدونها هناك، يلتمسون منها ما توسوس به شياطينهم، وطواغيتهم.
وقد اطمأن الشيخ في دار إقامته الجديدة، وعكف على إِلقاء الدروس، وتعليم
الطلاب، وأرسل الكتب والرسائل إِلى العلماء وأمراء المناطق.
وفي هذه الأثناء أراد الشيخ أن يتوجه إِلى "الجبيلة"؛ ليهدم القبة المبنية على
قبر الصحابي الجليل، زيد بن الخطاب، أخي عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-
وهي المنطقة التي استشهد فيها كثير من الصحابة في معركة اليمامة في أثناء
حرب الردَّة سنة (١٢هـ) .
وقد كان الناس يعظمون هذه القبة، ويتجهون إِليها؛ لجلب النفع، أو لدفع الضر،
فطلب الشيخ محمد بن عبد الوهاب من أمير "العيينة" أن يساعده على هدمها،
بمن معه من رجال، وبما له من سلطة التأثير