وراحوا يستنجدون بظلال كاذبة، ذاهبة أو آيبة، شرقية أو غربية، أو بظلال ضعيفة هزيلة، لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، فعاش أناس منهم حيناً من الزمان يطلبون منها المدد، والعون والسند، ولكن هيهات، ثم هيهات. ومن هذا المنطلق، وضغوطه راح الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- يعد العدّة، وأخذ يطلب العلم الشرعي على الطريقة السلفية الأولى، طريقة التلقي والمشافهة للعلماء العاملين، وعكف على البحث والاطلاع، ومحَّص وميَّز، وعرف ما يضر وما ينفع، فتحاشى الخلافات الكلامية، وأبى كل الإِباء أن يجترّها أمام أقوام ليس من مصلحتهم أن يسمعوها، أو يقرؤوا عنها أصلاً، فخرجت كتبه ورسائله خالية من التقعر والتكلف، نقية من الغوص فيما لا ينفع الخاصة، ولا يفهمه العامة من الناس، لكنها في الوقت ذاته تأخذ بعقول الأكياس. لقد أرسلت كتابات الشيخ مسائل الاعتقاد إِرسالا، كأنها مسلمات -وهي كذلك- لا تتطلب جدلاً عقيماً، أو سفسطة باردة، فغزا الشيخ بهذا اليسر والسهولة في بيان العقيدة الصحيحة، قلوب الناس، تماماً، كما فعل الرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وأصحابه الكرام، ومن تبعهم بإِحسان.