وهنا أدرك الشيخ ضعف (العيينة) ، ورجالِها عن القيام بحمايته، فتوجه إِلى "الدرعية" ماشيا على قدميه، مردّداَ قول الله تعالى:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطّلاق من الآيتين: ٢-٣] .
كان ذلك في سنة (١١٥٧هـ) ؛ إِذ بدأت الدعوة تأخذ طورا جديدا، له سماته الخاصة فقد كان فتحا وفرجا بعد ضيق وشدة، وقد تنفس الشيخ الصعداء، وراح يفكر بأناة وروية وحكمة في مستقبل دعوته، دون أن ييأس من رحمة الله، واثقا كل الثقة في أن الله -تعالى- لا يضيع أجر من أحسن عملا.
ورست سفينة الدعوة بشيخها على أهل بيت كرام، طالما تابعوا دعوة الشيخ، ودافعوا عنه، وهو في بلدته، فكيف يكون حالهم معه، وهو اليوم ينْزل ببلدتهم، ويطلب الأمن والأمان لنفسه ودعوته؟
إِنهم -بلا شك- سيكونون أوفى الناس؛ لأنهم أهل عزّ وإمارة، وهم أعرف الناس بأقدار الناس، فإِنه لا يعرف الفضل إِلا ذووه.
نزل الشيخ محمد بن عبد الوهاب على أحد تلاميذه في الدرعية، وما إِن سمع بذلك أميرها، الأمير محمد بن سعود -رحمه الله- حتى أسرع لزيارته في محل نزوله، إِكراما لدعوته، وإِكبارا لشأنه.
وفي أثناء هذه الزيارة قال الأمير محمد بن سعود للشيخ: أبشر بالخير والعز، والمنعة.