وقد جعلنا الله مبشرين بالكتاب، والسنة، وما كان عليه السلف الصالح، لا نتقيد بمذهب دون آخر، ومتى وجدنا الدليل القوي في أي مذهب من المذاهب الأربعة رجعنا إِليه، وتمسكنا به، أما إِذا لم نجد دليلا قويا، فنأخذ بقول الإمام أحمد)) ١.
وجدير بالذكر -كما بسطنا القول في هذا البحث- أن دعوة الشيخٍ محمد بن عبد الوهاب دعوة متبعة، لا مبتدعة، فليست مذهباً جديداً، وصاحبها لم يقل بذلك، وليس من حق أحد أن يفرض عليه ما لم يقل به، ولا أن يلبس الدعوة ثوباً غير ثوبها.
لقد كان الشيخ محمد يسير على خط من سبقه من أئمة السلف، كالإِمام أحمد بن حنبل، وأحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، وغيرهما، ساعياً إِلى عودة المسلمين إِلى المبادئ الإِسلامية الصحيحة التي لعبت بها الأهواء والبدع والخرافات في كثير من بلاد المسلمين، فجاهد في سبيل الكشف عن حقيقة الشريعة الصافية، وتنقية العقيدة الإِسلامية من تأويلات المتأولين وأباطيل المبطلين، على النحو الذي كان عليه السلف الصالح -رضي الله عنهم أجمعين.
لكن الناس لما طال عليهم العهد مع الأباطيل والبدع والخرافات، أصبحوا ينظرون إِلى مستوى التوحيد الصافي العالي الرفيع البعيد عن الشوائب على أنه شيء جديد غريب على النفوس، وذلك بتأثير ضغط الاعتقادات الفاسدة، والأوضاع التي اختلط فيها الحق بالباطل.
١ عبد الحليم الجندي، الإمام محمد بن عبد الوهاب، أو انتصار المذهب السلفي، طبع دار المعارف المصرية، ص١٨٣.