وراح العلماء يراسلون الشيخ، ويطلبون منه تلخيص دعوته، وبيان عقيدته، فكان يراسلهم، ويبين لهم وجه الحق، فيقبلون على دعوته البريئة من الشرك أفواجا.
وقد أثمر هذا التعاون المبارك الذي أدى إِلى الامتزاج بين القوة الدعوية العلمية، والقوة السياسية المادية، دولة مرهوبة الجانب، مستقلة الكيان، يحسب لها رؤساء الدول ألف حساب، وهذا حدث عظيم وهائل، بالنظر إِلى أحوال العصر الحديث بعامة، وأحوال شبه الجزيرة بخاصة، وهو أمر يذكرنا بميلاد دولة الإِسلام الأولى في المدينة، حيث تفجرت ينابيع الحكمة والرحمة، وتتابعت فتوح الإِسلام من كل جانب، وفرضت دولة المدينة الوليدة نفسها على ما حولها من البلاد، فراحت تراسل وتعاهد وتسالم وتعادي، كأنها ذات تاريخ طويل، وأمجاد تليدة.
وبإِيجاز: لقد اجتهدت الدولة الجديدة بقيادة الإِمام محمد بن سعود رحمه الله، أن تترسم خطى دولة الإِسلام الأولى في المدينة النبوية بقيادة النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ الذي كان يجمع بين الجانبين: الديني، والإِداري القيادي (الدنيوي) . وقد عملت الدولة الجديدة في خطة التأسي بدولة الإِسلام الأولى على أن يكون الشعار هو الشعار، والراية هي الراية، والغاية هي الغاية، والمسيرة هي المسيرة.