محنة الظراف العشاق معذورون على الأحوال إذ العشق إنما دهاهم عن غير اختيار بل اعتراهم عن جبر واضطرار والمرء إنما يلام على ما يستطيع من الأمور لا على المقضي عليه والمقدور فقد قيل إن الحامل كانت ترى يوسف عليه الصلاة والسلام فتضع حملها فكيف ترى هذه وضعته أباختيار كان ذلك أم باضطرار قال غيره وهؤلاء النسوة قطعن أيديهن لما بدا لهن حسن يوسف عليه السلام وما تمكن حبه من قلوبهن فكيف لو شغفن حبا وكان مصعب بن الزبير إذا رأته المرأة حاضت لحسنه وجماله قال فيه الشاعر
إنما مصعب شهاب من الل ... هـ تجلت عن وجهه الظلماء
ومن هاهنا أخذ أحمد بن الحسين الكندي المتنبي قوله
تق الله واستر ذا الجمال ببرقع ... فإن لحت حاضت في الخدور العواتق
فإذا كان هذا من مجرد الرؤية فكيف بالمحبة التي لا تملك وقال هشام ابن عروة عن أبيه مات بالمدينة عاشق فصلى عليه زيد بن ثابت فقيل له في ذلك فقال إني رحمته ورؤي أبو السائب المخزومي وكان من العلم والدين بمكان متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول اللهم ارحم العاشقين وقو قلوبهم واعطف عليهم قلوب المعشوقين فقيل له في ذلك فقال والله للدعاء لهم أفضل من عمرة من الجعرانة ثم أنشد
يا هجر كف عن الهوى ودع الهوى ... للعاشقين يطيب يا هجر
ماذا تريد من الذين جفونهم ... قرحى وحشو قلوبهم جمر