الباب الخامس عشر فيمن ذم العشق وتبرم به وما احتج به كل فريق على صحة مذهبه
قال الله تعالى إخبارا عن المؤمنين ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا وقد أثنى الله عليهم سبحانه بهذا الدعاء الذي سألوه فيه أن لا يحملهم مالا طاقة لهم به وقد فسر ذلك بالعشق وليس المراد اختصاصه به بل المراد أن العشق مما لا طاقة للعبد به وقال مكحول هو شدة الغلمة وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا ينبغي للمرء أن يذل نفسه قال الإمام أحمد تفسيره أن يتعرض من البلاء لما لا يطيق وهذا مطابق لحال العاشق فإنه أذل الناس لمعشوقه ولما يحصل به رضاه والحب مبناه على الذل والخضوع للمحبوب كما قيل
اخضع وذل لمن تحب فليس في ... شرع الهوى أنف يشال ويعقد
وقال آخر
مساكين أهل العشق حتى قبورهم ... عليها تراب الذل بين المقابر