[الباب الثامن والعشرون: فيمن آثر عاجل العقوبة والآلام على لذة الوصال الحرام]
...
قالت نعم فما تريد قال لو كان غير هذا لكان لنا رأي قالت على ذلك وما هو قال عرض بقلبي من أمرك عارض قالت وما يمنعك من إنقاذه قال وتتابعيني على ذلك قالت نعم فحلت به في موضع فلما رأته مجدا في الذي سأل قالت رويدك يا مسكين لا يسقط جاهك عنده فانتبه لها وذهب عنه ما كان يجد فقال لا حرمك الله ثواب فعلك ثم تنحى ناحية فقال لنفسه اختاري إما عمى العين وإما الجب وإما السياحة مع الوحوش فاختارت السياحة مع الوحوش فكان كذلك إلى أن مات
وأحب رجل جارية من العرب وكانت ذات عقل وأدب فما زال يحتال في أمرها حتى اجتمع معها في ليلة مظلمة شديدة السواد فحادثها ساعة ثم دعته نفسه إليها فقال يا هذه قد طال شوقي إليك قالت وأنا كذلك فقال هذا الليل قد ذهب والصبح قد اقترب قالت هكذا تفنى الشهوات وتنقطع اللذات فقال لها لو دنوت مني فقالت هيهات أخاف البعد من الله قال فما الذي دعاك إلى الحضور معي قالت شقوتي وبلائي قال لها فمتى أراك قالت ما أنساك وأما الاجتماع معك فما أراه يكون ثم تولت قال فاستحييت مما سمعت منها وأنشد
توقت عذابا لا يطاق انتقامه ... ولم تأت ما تخشى به أن تعذبا
وقالت مقالا كدت من شدة الحيا ... أهيم على وجهي حيا وتعجبا
ألا أف للحب الذي يورث العمى ... ويورد نارا لا تمل التلهبا
فأقبل عودي فوق بدئي مفكرا ... وقد زال عن قلبي العمى فتسربا
وقال ابن خلف أخبرني أبو بكر العامري قال عشقت عاتكة المرية