[الباب الثالث عشر: في أن اللذة تابعة للمحبة في الكمال والنقصان]
فكلما قويت المحبة قويت اللذة بإدراك المحبوب وهذا الباب من أجل أبواب الكتاب وأنفعها ونذكر فيه بيان معرفة اللذة وأقسامها ومراتبها فنقول أما اللذة ففسرت بأنها إدراك الملائم كما أن الألم إدراك المنافي قال شيخنا والصواب أن يقال إدراك الملائم سبب اللذة وإدراك المنافي سبب الألم فاللذة والألم ينشآن عن إدراك الملائم والمنافي والإدراك سبب لهما واللذة أظهر من كل ما تعرف به فإنها أمر وجداني وإنما تعرف بأسبابها وأحكامها واللذة والبهجة والسرور وقرة العين وطيب النفس والنعيم ألفاظ متقاربة المعنى وهي أمر مطلوب في الجملة بل ذلك مقصود كل حي وذلك أمر ضروري من وجوده وذلك في القاصد والغايات بمنزلة الحس والعلوم البديهية في المبادىء والمقدمات فإن كل حي له علم وإحساس وله عمل وإرادة وعلم الإنسان لا يجوز أن يكون كله نظريا استدلاليا لاستحالة الدور والتسلسل بل لا بد له من علم أوله بديهي يبده النفس ويبتدىء فيها فلذلك يسمى بديهيا وأوليا وهو من نوع ما تضطر إليه النفس ويسمى ضروريا فإن النفس تضطر إلى العلم تارة إلى العمل أخرى وكذلك العمل الاختياري المرادي له مراد فذلك المراد إما أن يراد لنفسه أو لشيء آخر ولا يجوز أن يكون كل مراد مرادا لغيره حذرا من الدور والتسلسل فلا بد من مراد مطلوب محبوب لنفسه فإذا حصل المطلوب المراد المحبوب فاقتران اللذة