[الباب السادس والعشرون: في ترك المحبين أدنى المحبوبين رغبة في أعلاهما]
هذا باب لا يدخل فيه إلا النفوس الفاضلة الشريفة الأبية التي لا تقنع بالدون ولا تبيع الأعلى بالأدنى بيع العاجز المغبون ولا يملكها لطخ جمال مغش على أنواع من القبائح كما قال بعض الأعراب وقد نظر إلى امرأة مبرقعة
إذا بارك الله في ملبس ... فلا بارك الله في البرقع
يريك عيون المها مسبلا ... ويكشف عن منظر في أشنع
وقال الآخر
لا يغرنك ما ترى من نقاب ... إن تحت النقاب داء دويا
فالنفس الأبية لا ترضى بالدون وقد عاب الله سبحانه أقواما استبدلوا طعاما بطعام أدنى منه فنعى ذلك عليهم وقال:{أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير} وذلك دليل على وضاعة النفس وقلة قيمتها
وقال الأصمعي خلا رجل من الأعراب بامرأة فهم بالريبة فلما تمكن منها تنحى سليما وجعل يقول إن امرءا باع جنة عرضها السموات والأرض بفتر ما بين رجليك لقليل البصر بالمساحة