للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما لا يدخل تحت قدرتهم قالوا والعقلاء قاطبة مطبقون على لوم من يحب ما يتضرر بمحبته وهذا فطرة فطر الله عليها الخلق فلو اعتذر بأني لا أملك قلبي لم يقبلوا له عذرا

فصل:

وفصل النزاع بين الفريقين أن مبادىء العشق وأسبابه اختيارية داخلة تحت التكليف فإن النظر والتفكر والتعرض للمحبة أمر اختياري فإذا أتى بالأسباب كان ترتب المسبب عليها بغير اختياره كما قيل

تولع بالعشق حتى عشق ... فلما استقل به لم يطق

رأى لجة ظنها موجة ... فلما تمكن منها غرق

تمنى الإقالة من ذنبه ... فلم يستطعها ولم يستطق

وهذا بمنزلة السكر من شرب الخمر فإن تناول المسكر اختياري وما يتولد عنه السكر اضطراري فمتى كان السبب واقعا باختياره لم يكن معذورا فيما تولد عنه بغير اختياره فمتى كان السبب محظورا لم يكن السكران معذورا ولا ريب أن متابعة النظر واستدامة الفكر بمنزلة شرب المسكر فهو يلام على السبب ولهذا إذا حصل العشق بسبب غير محظور لم يلم عليه صاحبه كمن كان يعشق امرأته أو جاريته ثم فارقها وبقي عشقها غير مفارق له فهذا لا يلام على ذلك كما تقدم في قصة بريرة ومغيث وكذلك إذا نظر نظرة فجاءة ثم صرف بصره وقد تمكن العشق من قلبه بغير اختياره على أن عليه مدافعته وصرفه

<<  <   >  >>