وهم في سكر عشقهم يعمهون وكيف جمع عليهم من العقوبات ما لم يجمعه على أمة من الأمم أجمعين وجعلهم سلفا لإخوانهم اللوطية من المتقدمين والمتأخرين ولما تجرأوا على هذه المعصية ومردوا ونهجوا لإخوانهم طريقا وقاموا بأمرها وقعدوا ضجت الملائكة إلى الله من ذلك ضجيجا وعجت الأرض إلى ربها من هذا الأمر عجيجا وهربت الملائكة إلى أقطار السموات وشكتهم إلى الله جميع المخلوقات وهو سبحانه وتعالى قد حكم أنه لا يأخذ الظالمين إلا بعد إقامة الحجة عليهم والتقدم بالوعد والوعيد إليهم فأرسل إليهم رسوله الكريم يحذرهم من سوء صنيعهم وينذرهم عذابه الأليم فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة على رؤوس الملإ منهم والأشهاد وصاح بها بين أظهرهم في كل حاضر وباد وقال فكان في قوله لهم من أعظم الناصحين {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} ثم أعاد لهم القول نصحا وتحذيرا وهم في سكرة عشقهم لا يعقلون {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} فأجاب العشاق جواب من أركس في هواه وغيه فقلبه بعشقه مفتون و {قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} فلما أن حان الوقت المعلوم وجاء ميقات نفوذ القدر المحتوم أرسل الرحمن تبارك وتعالى لتمام الإنعام والامتحان إلى بيت لوط ملائكة في صورة البشر وأجمل ما يكون من الصور وجاءوه في صورة الأضياف النزول بذي الصدر الرحيب {سِيءَ بِهِمْ