المجنون فلما انشق عمود الصبح جاء النداء من عند رب الأرباب أن اخسف بالأمة اللوطية وأذقهم أليم العذاب فاقتلع القوي الأمين جبريل مدائنهم على ريشة من جناحه ورفعها في الجو حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم وصياح ديكتهم ثم قلبها فجعل عاليها سافلها وأتبعوا الحجارة من سجيل وهو الطين المستحجر الشديد وخوف سبحانه إخوانهم على لسان رسوله من هذا الوعيد فقال تعالى {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} فهذه عاقبة اللوطية عشاق الصور وهم السلف وإخوانهم بعدهم على الأثر
وإن لم يكونوا قوم لوط بعينهم ... فما قوم لوط منهم ببعيد
وإنهم في الخسف ينتظرونهم ... على مورد من مهلة وصيد
يقولون لا أهلا ولا مرحبا بكم ... ألم يتقدم ربكم بوعيد
فقالوا بلى لكنكم قد سننتم ... صراطا لنا في العشق غير حميد
أتينا به الذكران من عشقنا لهم ... فأوردنا ذا العشق شر ورود
فأنتم بتضعيف العذاب أحق من ... متابعكم في ذاك غير رشيد
فقالوا وأنتم رسلكم أنذرتكم ... بما قد لقيناه بصدق وعيد
فما لكم فضل علينا فكلنا ... نذوق عذاب الهون جد شديد
كما كلنا قد ذاق لذة وصلهم ... ومجمعنا في النار غير بعيد
وكذلك قوم شعيب إنما حملهم على بخس المكيال والميزان فرط محبتهم للمال وغلبهم الهوى على طاعة نبيهم حتى أصابهم العذاب