فما هو إلا أن أراها فجاءة ... فأبهت حتى ما أكاد أجيب
فأرجع عن رأيي الذي كان أولا ... وأذكر ما أعددت حين تغيب
وقال آخر
فما هو إلا أن يراها فجاءة ... فتصطك رجلاه ويسقط للجنب
وربما اضطرب عند سماع اسمه فجأة كما قال
وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى ... فهيج أشجان الفؤاد وما يدري
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما ... أطار بليلى طائرا كان في صدري
وقد اختلف في سبب هذه الروعة والفزع والاضطراب فقيل سببه أن للمحبوب سلطانا على قلب محبه أعظم من سلطان الرعية فإذا رآه فجأة راعه ذلك كما يرتاع من يرى من يعظمه فجأة فإن القلب معظم لمحبوبه خاضع له والشخص إذا فجئه المعظم عنده راعه ذلك وقيل سببه انفراج القلب له ومبادرته إلى تلقيه فيهرب الدم منه فيبرد ويرعد ويحدث الاصفرار والرعدة وربما مات وبالجملة فهذا أمر ذوقي وجداني وإن لم يعرف سببه
فصل ومنها غيرته لمحبوبه وعلى محبوبه فالغيرة له أن يكره ما يكره ويغار إذا عصي محبوبه وانتهك حقه وضيع أمره فهذه غيرة المحب حقا والدين كله تحت هذه الغيرة
فأقوى الناس دينا أعظمهم غيرة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير