يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} قال تعالى {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} قال تعالى {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} إن قيل فقد قال الله تعالى {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} قال في الآية الآخرى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} أمرهم بالاستعفاف إلى وقت الغنى وأمر بتزويج أولئك مع الفقر وأخبر أنه تعالى يغنيهم فما محمل كل من الآيتين فالجواب أن قوله {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ي حق الأحرار أمرهم الله تعالى أن يستعفوا حتى يغنيهم الله من فضله فإنهم إن تزوجوا مع الفقر التزموا حقوقا لم يقدروا عليها وليس لهم من يقوم بها عنهم وأما قوله وأنكحوا اللأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم فإنه سبحانه أمرهم فيها أن ينكحوا الأيامى وهن النساء اللواتي لا أزواج لهن هذا هو المشهور من لفظ الأيم عند الإطلاق وإن استعمل في حق الرجل بالتقييد مع أن العزب عند الإطلاق للرجل وإن استعمل في حق المرأة ثم أمرهم سبحانه أن يزوجوا عبيدهم وإماءهم إذا صلحوا للنكاح فالآية الأولى في حكم تزوجهم لأنفسهم والثانية في حكم تزويجهم لغيرهم وقوله في هذا القسم {وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ} يعم الأنواع الثلاثة التي ذكرت فيه فإن الأيم تستغني بنفقة زوجها وكذلك الأمة وأما العبد فإنه لما كان لا مال له وكان ماله لسيده