للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذ زانه، ولا كان العُنْف في شيءٍ إلا شانه" "١ وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، ويُعطي عليه ما لا يُعطي على العُنْف" "٢".

- ولابد أيضاً أن يكون حليماً، صبوراً على الأذى؛ فإنّه لابد أن يَحْصل له أذىً، فإن لم يَحْلم ويصبر فإنه يُفسد أكثر مما يُصْلِح، كما قال لقمان لابنه: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}".

ولهذا أمر الله الرُسُل -وهم أئمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- بالصبر، كقوله لخاتم الرسل صلى الله عليه وسلم، بل ذلك مقرون بتبليغ الرسالة، فإنّه أول ما أُرسل أُنزلت عليه سورةُ: {يا أيّها المدّثّر} ، بعد أن أُنزلت سورة: {اقرأ} ، التي بها نُبّئ.

- فقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ "١" قُمْ فَأَنذِرْ "٢" وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ "٣" وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ "٤" وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ "٥" وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ"٦" وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ "٧"} "٤".

- فافتتح آيات الإرسال إلى الخَلْق بالأمر بالإنذار، وختمها بالصبر.

- ونفْس الإنذار أمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن المنكر؛ فعُلم أنه يجب بعده الصبر.

- وقال تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}".

- وقال تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} "٦".


(١) أحمد، ٢٥١٨١، لكن بلفظ: (مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلا زَانَهُ وَلا عُزِلَ عَنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ) .
(٢) مسلم، ٢٥٩٣، البر والصلة والآداب، وعند البخاري: (إن الله رفيق يحب الرفق في
الأمر كله) . ٦٩٢٧، استتابة المرتدين.
(٣) ١٧: لقمان: ٣١.
(٤) ١-٧: المدثر: ٧٤.
(٥) ٤٨: الطور: ٥٢.
(٦) ١٠: المزمل: ٧٣.

<<  <   >  >>