- الفقه، فإنهم تصرفوا فيه بالتخصيص، فخَصَّوْهُ بمعرفة الفروع وعللها، ولقد كان اسم الفقه في العصر الأول منطلقاً على علم طريق الآخرة، ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال، وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا، وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة، واستيلاء الخوف على القلب.
ولذلك قال الحسن البصري: إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه، الوَرِعُ الكافُّ عن أعراض المسلمين، والعفيف عن أموالهم، الناصح لهم. فكان إطلاقهم اسم الفقه على علم الآخرة أكثر، لأنه لم يكن متناولاً للفتاوى ولكن كان متناولاً لذلك بطريق العموم والشمول، فبان من هذا التخصيص تلبيسٌ بَعَثَ الناسَ على التجرد لعلم الفتاوى الظاهرة، والإعراض عن علم المعاملة للآخرة.
- اللفظ الثاني: العلم، فقد كان ذلك يطلق على العلم بالله تعالى وبآياته، أي: نعمه وأفعاله في عباده، فَخَصَّوْهُ وسَمَّوْا به في الغالب المُناظِر في مسائل الفقه وإن كان جاهلاً بالتفسير والأخبار.
- اللفظ الثالث: التوحيد، وقد كان ذلك إشارة إلى أن ترى الأمور كلها من الله تعالى رؤيةً تَقْطعُ الالتفاتَ إلى الأسباب والوسائط، فيُثْمِرُ ذلك التوكلَ والرضَا، وقد جُعل الآن عبارةً عن صناعةِ الكلام في الأصول، وذلك من المنكرات عند السلف.
- اللفظ الرابع: التذكير والذكر، قال الله تعالى:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}"١" وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا: