للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله صلي الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئا، ويا فاطمة بنت محمد، سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا " ١.

..................................................................................................

أي بالإيمان بالله ورسوله واتباعه فيما جاءكم به، مما أنزل عليه من توحيد الله تعالى في العبادة، وترك ما كنتم تعبدونه من دونه من الأوثان والأصنام، فإنهم بعد ذلك الشرك صاروا عبيدا لمن لا يضر ولا ينفع، ولا يستجيب ولا يسمع إلا هو، وهم قد عرفوا أن ما كانوا يفعلونه من عبادة غير الله شرك بالله، فإنهم كانوا يقولون في تلبيتهم: "لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك". فسبحان الله كيف جاز في عقولهم أن المملوك يكون شريكا لمالكه، وقد قال تعالى:. {مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}

قوله: "لا أغني عنكم من الله شيئا" هذا هو معنى ما تقدم من أنه تعالى هو المتصرف في خلقه بما شاء مما اقتضته حكمته في خلقه وعلمه بهم، والعبد لا يعلم إلا ما علمه الله، ولا ينجو أحد من عذابه وعقابه إلا بإخلاص العبادة له وحده والبراءة من عبادة ما سواه، كما قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} ٢، والنبي صلي الله عليه وسلم في هذا الحديث أنذر الأقربين نذارة خاصة، وأخبر أنه لا يغني عنهم من الله شيئا، وبلغهم وأعذر إليهم، فأنذر قريشا ببطونها وقبائل العرب في مواسمها، وأنذر عمه وعمته وابنته وهم أقرب الناس إليه، وأخبر أنه لا يغني عنهم من الله شيئا، إذا لم يؤمنوا به ويقبلوا ما جاء به من التوحيد وترك الشرك به.


١ البخاري رقم (٢٧٥٣) في الوصايا: باب هل يدخل النساء والأولاد في الأقارب , ورقم (٣٥٣٧) في الأنبياء: باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية , ورقم (٤٧٧١) في تفسير سورة الشعراء: باب (وأنذر عشيرتك الأقربين) , ومسلم رقم (٢٠٦) في الإيمان: باب قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) , والترمذي رقم (٣١٨٤) في التفسير: باب ومن سورة الشعراء , والنسائي ٦ / ٢٤٨ , في الوصايا: باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين.
٢ سورة المائدة آية: ٧٢.

<<  <   >  >>