للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} ١.

..................................................................................................

سواه فيما يرجون نفعه ويخافون ضره. قال الفضيل بن عياض: " ليس كل خلقه عاتب إنما عاتب الذين يعقلون ".

قوله: {لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} ٢، قال الزجاج: موضع ليس نصب على الحال كأنه قال متخلين من ولي وشفيع، والعامل فيه يخافون.

قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} أي فيعملون في هذه الدار عملا ينجيهم الله به من عذاب يوم القيامة، وتركوا التعلق على الشفعاء وغيرهم؛ لأنه ينافي الإخلاص الذي لا يقبل الله من أحد عملا بدونه.

قوله: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} ٣ دلت الآية أن الشفاعة له سبحانه، لأنها لا تقع إلا لأهل التوحيد بإذنه سبحانه وتعالى، كما قال تعالى في الآية السابقة. وقال تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ} ٤ الآية، فلا شفاعة إلا لمن هي له سبحانه؛ ولا تقع إلا ممن أذن له فيها، فتدبر هذه الآيات العظيمة في اتخاذ الشفعاء٥.

وقوله: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ٦ يبطل التعلق على غيره سبحانه؛ لأنه الذي انفرد بملك كل شيء فليس لأحد في ملكه مثقال ذرة دونه سبحانه وبحمده، والإسلام هو أن تسلم قلبك وجوارحك لله بالإخلاص، كما في المسند عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه قال لرسول الله صلي الله عليه وسلم: " فبالذي بعثك بالحق ما بعثك به؟ قال: "الإسلام" قال: وما


١ سورة الزمر آية: ٤٤.
٢ سورة الأنعام آية: ٥١.
٣ سورة الزمر آية: ٤٤.
٤ سورة يونس آية: ٣.
٥ الشفاعة أنواع: منها ما هو متفق عليه بين الأمة , ومنها ما خالف فيه المعتزلة ونحوهم من أهل البدع. النوع الأول: الشفاعة الأولى , وهي العظمى الخاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم من بين سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين - صلوات الله عليهم أجمعين -. النوع الثاني والثالث: شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم , فيشفع فيهم ليدخلوا الجنة , وفي أقوام آخرين قد أمر به الى النار ألا يدخلوها. النوع الرابع: شفاعته صلى الله عليه وسلم في رفع درجات من يدخل الجنة فيها فوق ما كان يقتضيه ثواب أعمالهم. النوع الخامس: الشفاعة في أقوام يدخلون الجنة بغير حساب. النوع السادس: الشفاعة في تخفيف العذاب عمن يستحقه، كشفاعته في عمه أبي طالب أن يخفف عنه عذابه. النوع السابع: شفاعته صلى الله عليه وسلم أن يؤذن لجميع المؤمنين في دخول الجنة. النوع الثامن: شفاعته في أهل الكبائر من أمته ممن دخل النار فيخرجون منها. اهـ ملخصا " شرح العقيدة الطحاوية " بتحقيقنا ص ٢٢٣- ٢٣١ طبعة دار البيان بدمشق.
٦ سورة البقرة آية: ١٠٧.

<<  <   >  >>