للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولمسلم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " إياكم والغلو; فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو " ١.

ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " هلك المتنطعون قالها ثلاثا " ٢.

فيه مسائل:

الأولى: أن من فهم هذا الباب وبابين بعده تبين له غربة الإسلام، ورأى من قدرة الله وتقليبه للقلوب العجب.

..................................................................................................

قوله: وقال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو "هذا الحديث ذكره المصنف رحمه الله تعالى بدون ذكر رواية، وقد رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث ابن عباس وهذا اللفظ رواية أحمد عن ابن عباس، قال شيخ الإسلام: "هذا عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال".

قوله: ولمسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " هلك المتنطعون "٣ قالها ثلاثا. قال الخطابي: المتنطع المتعمق في الشيء المتكلف في البحث عنه على مذهب أهل الكلام الداخلين فيما لا يعنيهم، الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم. وقال أبو السعادات: هم المتعمقون الغالون في الكلام المتكلمون بأقصى حلوقهم، وقال النووي: فيه كراهة التقعر في الكلام بالتشدق، وتكلف الفصاحة واستعمال وحشي اللغة ودقائق الإعراب في مخاطبة القوم ونحوهم. قوله: قالها ثلاثا أي قال هذه الكلمة ثلاث مرات مبالغة في التعليم والإبلاغ، فقد بلغ البلاغ المبين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين. ووجه مناسبة هذا الحديث للترجمة أن الغلو من التنطع والزيادة لما فيه من الخروج إلى ما يوصل إلى الشرك بالله.


١ رواه أحمد في " المسند " ١/ ٢١٥ و ٣٤٧ , والنسائي ٥/ ٢٦٨ في المناسك: باب التقاط الحصى، وابن ماجه رقم (٣٠٢٩) في المناسك: باب في قدر حصى الرمي , وصححه ابن حبان رقم (١٠١١) والحاكم ١/ ٤٦٦ ووافقه الذهبي , وهو حديث صحيح. انظر " الأحاديث الصحيحة" رقم (١٢٨٣) .
٢ مسلم رقم (٢٦٧٠) في العلم: باب هلك المتنطعون، ورواه أيضا أحمد في " المسند" ١ / ٣٨٦ , وأبو داود رقم (٤٦٠٨) في السنة: باب في لزوم السنة.
٣ مسلم: العلم (٢٦٧٠) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٨) , وأحمد (١/٣٨٦) .

<<  <   >  >>