للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً} ١.

عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ "أخرجاه٢.

.............................................................................................

فشبابهم مسخوا قردة، ومشايخهم مسخوا خنازير {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} أي وجعل منهم من عبد الطاغوت أي أطاع الشيطان فيما سول له. وفي تفسير الطبري قرأ حمزة "وَعَبُدِ الطَّاغُوتِ " بضم الباء وجر التاء، وقرأ ابن عباس وابن مسعود وإبراهيم النخعي والأعمش وأبان بن تغلب وَعُبُدَ الطَّاغُوتِ بضم العين والباء وفتح الدال وخفض التاء.

قوله: "أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا " مما تظنون بنا "وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ " وهذا من باب استعمال أفعل التفضيل فيما ليس في الطرف الآخر مشارك كقوله: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} ٣ قاله ابن كثير.

قوله: "عن أبي سعيد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " لتتبعن سننن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ "أخرجاه ". وهذا سياق مسلم، فبين صلي الله عليه وسلم في هذا أن كل ما وقع من أهل الكتاب مما ذمهم الله به في هذه الآيات وغيرها لا بد أن يقع جميعه في هذه الأمة وهو الشاهد للترجمة.

قوله: "سنن " بفتح المهملة أي طريق من كان قبلكم.

قوله: "حذو القذة " بنصب حذو على المصدر، والقذة بضم القاف واحدة القذذ وهو ريش السهم، أي لتتبعن طريقهم في كل ما فعلوه وتشبهوهم في ذلك كما تشبه قذة السهم القذة الأخرى كما أخبر صلي الله عليه وسلم. قال سفيان بن عينية: "من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى"، انتهى.


١ سورة الكهف آية: ٢١.
٢ البخاري رقم (٣٤٥٦) في أحاديث الأنبياء: باب ما ذكر عن بني اسرائيل , ورقم (٧٣٢٠) في الاعتصام بالكتاب والسنة: باب قول النبي: " لتتبعن سنن من كان قبلكم " , ومسلم رقم (٢٦٦٩) في العلم: باب اتباع سنن اليهود والنصارى , وأحمد في (المسند) ٣/ ٨٤ و ٨٩ و ٩٤ من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -, وليس السياق لمسلم , ولا اللفظ لأحدهما , ورواه البخاري رقم (٧٣١٩) في الاعتصام: باب قول النبي: " لتتبعن سنن من كان قبلكم " , وابن ماجه في "سننه" رقم (٣٩٩٤) في الفتن: باب افتراق الأمم , وأحمد في " المسند" ٢ / ٣٢٧ ١١٥ و ٤٥٠ وو٥٢٧ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه , وجملة " حذو القذة بالقذة" ليست في "الصحيحين" وإنما هي عند أحمد في " المسند" ٤ / ١٢٥ من حديث شداد بن أوس - رضي الله عنه – بلفظ: " ليحملن شرار هذه الأمة على سنن الذين خلوا من قبلكم أهل الكتاب , حذو القذة بالقذة " ولفظه عند مسلم: " لتتبعن سنن الذبن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع , حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم , قلنا يا رسول الله! اليهود والنصارى قال: فمن؟ ".
٣ سورة الفرقان آية: ٢٤.

<<  <   >  >>