كتاب التوحيد وقرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين

باب من اتخذ ندا تساوي محبته محبة الله فهو الشرك الأكبر - ص: 165

عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك. وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا. وذلك لا يجدي على أهله شيئا "١ رواه ابن جرير.

وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} ٢ قال: المودة٣.

..................................................................................................

الحديث " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله عز وجل "٤ رواه الطبراني.

قوله: " ولن يجد عبد طعم الإيمان ... "إلى آخره، أي لا يحصل له ذوق الإيمان وبهجته ولذته وسروره والفرح به، وإن كثرت صلاته وصومه، حتى يكون كذلك. قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} ٥. قوله: "وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئا "، يعني أنه إذا ضعف داعي الإيمان أحب دنياه، وأحب لها وواخى لأجلها، وهذا هو الغالب على أكثر الخلق محبة دنياهم وإيثار ما يهوونه على ما يحبه الله ورسوله، وذلك لا يجدي على أهله شيئا، بل يضر في العاجل والآجل فالله المستعان.

قوله: "وقال ابن عباس في قوله {ِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَوَدَّةَ} ٦ قال: المودة "، أي التي كانت بينهم خانتهم أحوج ما كانوا إليها، قال تعالى: {إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَوَدَّةَ

---

١ رواه أحمد في " المسند٣/ ٤٣٠ من حديث عمرو بن الجموح - رضي الله عنه – بلفظ: "لا يحق للعبد حق صريح الإيمان حتى يحب لله تعالى ويبغض لله تعالى , فإذا أحب لله وأبغض لله فقد استحق الولاء من الله ... " وإسناده ضعيف , وذكر٥ الهيثمي في " مجمع الزوائد ١/ ٨٩ من حديث عمرو بن الحمق - رضي الله عنه – بلفط: "لا يجد العبد صريح الإيمان حتى يحب لله , ويبغض لله , فإذا أحب لله وأبغض لله فقد استحق الولاية ... " وقال: رواه الطبراني في الكبير , وفيه رشدين بن سعد , وهو ضعيف. وقد صح الحديث الذي رواه أبو داود (٤٦٨١) , والترمذي (٢٥٢٣) وأحمد ٣/ ٤٤٠ من أحب لله , وأبغض لله , وأعطى لله , ومنع لله فقط استكمل الإيمان. انظر الأحاديث الصحيحة " رقم (٣٨٠) .
٢ سورة البقرة آية: ١٦٦.
٣ هذا الأثر رواه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم , والحاكم ٢٧٢/٢ وصححه ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
٤ الطبراني (٥٣٧) من حديث أبي ذر، وأبو داود الطيالسي (٣٧٨) من حديث ابن مسعود، وأحمد ٤/٢٨٦ من حديث البراء. قال في الأحاديث الصحيحة (١٧٢٨) : "فالحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن على الأقل، والله أعلم" ا?.
٥ سورة يونس آية: ٥٨.
٦ سورة البقرة آية: ١٦٦.