للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ} ١ الآية. وقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} ٢ الآية.

.......................................................................................................

خوف أولياء الشيطان، وكلما ضعف إيمانه قوي خوفه معهم، فدلت هذه الآية على أن الخلاص من الخوف من كمال شروط الإيمان. وسبب نزول الآية مذكور في التفاسير والسير".

قوله: "وقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ} ٣ " أخبر تعالى أن مساجد الله لا يعمرها إلا أهل الإيمان بالله واليوم الآخر، الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا بجوارحهم، وأخلصوا له الخشية دون من سواه، فلا تكون المساجد عامرة إلا بالإيمان الذي معظمه التوحيد مع العمل الصالح الخالص من شوائب الشرك والبدع، وذلك كله داخل في مسمى الإيمان المطلق عند أهل السنة والجماعة.

قوله: "وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ" قال ابن عطية: يريد خشية التعظيم والعبادة والطاعة، ولا محالة أن الإنسان يخشى المحاذير الدنيوية، وينبغي أن يخشى في ذلك كله قضاء الله وتصريفه. "قلت ": لأن النفع والضر إنما يكون بمشيئته وإرادته، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "والخوف عبودية القلب، فلا يصلح إلا لله: كالذل والمحبة والتوكل والرجاء وغيرها من عبودية القلب".

قوله: {فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} ٤ قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس يقول: إن أولئك هم المهتدون، وكل عسى في القرآن فهي واجبة.

قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} ٥ الآية. قال ابن القيم: "الناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين: إما أن يقول أحدهم آمنا، وإما أن لا يقول ذلك، بل يستمر على السيئات والكفر، فمن قال آمنا امتحنه ربه وابتلاه. والفتنة: الابتلاء والاختبار، ومن لم يقل آمنا فلا يحسب أنه يعجز الله ويفوته ويسبقه، فلا بد من حصول الألم لكل نفس آمنت، أو رغبت عن الإيمان، لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداء، ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة، والمعرض عن


١ سورة التوبة آية: ١٨.
٢ سورة العنكبوت آية: ١٠.
٣ سورة التوبة آية: ١٨.
٤ سورة التوبة آية: ١٨.
٥ سورة العنكبوت آية: ١٠.

<<  <   >  >>