للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ١ وعن أبي هريرة مرفوعا: " قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه "رواه مسلم ٢.

..............................................................................................................

المعاينة وقالوا: لقاء الله يتضمن رؤيته سبحانه وتعالى يوم القيامة"، وذكر الأدلة على ذلك. قال ابن القيم في الآية: "أي كما أنه إله واحد لا إله إلا هو، فكذلك ينبغي أن تكون العبادة له وحده لا شريك له، فكما تفرد بالإلهية يجب أن ينفرد بالعبودية، فالعمل الصالح هو الخالص من الرياء المقيد بالسنة" اهـ. فتضمنت الآية النهي عن الشرك كله قليله وكثيره.

قوله: "من عمل عملا أشرك فيه غيري " أي قصد بعمله غيري من المخلوقين "تركته وشركه " قال الطيبي: الضمير المنصوب في قوله: تركته يجوز أن يرجع إلى العمل. قال ابن رجب: واعلم أن العمل لغير الله أقسام: فتارة يكون رياء محضا كحال المنافقين كما قال تعالى: {يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً} ٣ وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في فرض الصدقة الواجبة أو الحج أو غيرهما من الأعمال الظاهرة أو التي يتعدى نفعها ; فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة. وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء، فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه وذكر أحاديث تدل على ذلك منها هذا الحديث، وحديث شداد بن أوس مرفوعا: " من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، وإن الله عز وجل يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي، فمن أشرك بي شيئا فإن جدة عمله وقليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به أنا عنه غني "٤ رواه أحمد. قال الإمام أحمد فيمن يأخذ جعلا على الجهاد: إذا لم يخرج لأجل الدراهم فلا بأس كأنه خرج لدينه، فإن أعطي شيئا أخذه - ثم قال: وأما إذا كان أصل العمل لله ثم طرأ


١ سورة الكهف آية: ١١٠.
٢ حديث قدسي رواه مسلم رقم (٢٩٨٥) في الزهد والرقائق: باب من أشرك في عمله غير الله , وابن ماجه رقم (٤٢٠٢) في الزهد: باب الرياء والسمعة.
٣ سورة النساء آية: ١٤٢.
٤ أحمد في " المسند ٤/١٢٦ وهو حديث ضعيف كما قال الألباني في "تخريح المشكاة" رقم (٥٣٣١) .

<<  <   >  >>