للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في " الصحيح " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد القطيفة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة

.........................................................................................................

الله: بل أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل ذلك. ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقال له: فبماذا قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله له: كذبت. وتقول الملائكة: كذبت. ويقول الله: بل أردت أن يقال فلان جريء وقد قيل ذلك، ثم ضرب رسول الله صلي الله عليه وسلم على ركبتي فقال: يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة "١.

قوله: "في الصحيح " أي صحيح البخاري.

قوله: "تعس " بكسر العين ويجوز الفتح أي سقط، والمراد هنا هلك، قاله الحافظ. وقال أبو السعادات. يقال: تعس يتعس إذا عثر وانكب لوجهه، وهو دعاء عليه بالهلاك.

قوله: " تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم "سماه عبدا له لكونه هو المقصود بعمله فصار عبدا له؛ لأنه عبده بذلك العمل.

قوله: " تعس عبد الخميصة " قال أبو السعادات: هي ثوب خز أو صوف معلم، و "الخميلة " بفتح الخاء المعجمة قال أبو السعادات: ذات الخمل، ثياب لها خمل من أي شيء كان، المراد كل ما كان من الدنيا نقدا أو عرضا؛ لأنه ذكر النوعين. قال أبو السعادات: أي انقلب على رأسه، وهو دعاء عليه بالخيبة.

قوله: " وإذا شيك فلا انتقش " أي إذا أصابته شوكة فلا يقدر على إخراجها بالمناقيش قاله أبو السعادات. قال شيخ الإسلام: "فسماه النبي صلي الله عليه وسلم عبد الدينار والدرهم وعبد القطيفة وعبد الخميصة، وذكر ما فيه وهو دعاء عليه بلفظ الخبر، وهو قوله: "تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش " وهذه حال من إذا أصابه شر لم يخرج منه ولم يفلح لكونه تعس وانتكس، فلا نال المطلوب، ولا خلص من المكروه. وهذه حال من عبد المال، وقد وصف ذلك بأنه إن أعطي رضي، وإن منع سخط، فرضاه لغير الله وسخطه لغير الله، وهكذا حال من كان متعلقا برياسة أو صورة ونحو ذلك من أهواء نفسه، إن حصل له رضى وإن لم يحصل له


١ ورواه أيضا مسلم رقم (١٩٠٥) في الإمارة: باب من قاتل للرياء والسمعة واستحق النار، ولالترمذي رقم (٢٣٨٣) في الزهد: باب ما جاء في الرياء والسمعة، والنسائي ٦/٢٣ و ٢٤ في الجهاد: باب من قاتل ليقال: فلان جرئ، وأحمد في "المسند" ٢/٣٥٢.

<<  <   >  >>