للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما سمعت قريش رسول الله صلي الله عليه وسلم يذكر: "الرحمن " أنكروا ذلك فأنزل الله فيهم: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} ١.

فيه مسائل:

الأولى: عدم الإيمان بجحد شيء من الأسماء والصفات.

الثانية: تفسير آية الرعد.

الثالثة: ترك التحديث بما لا يفهم السامع.

الرابعة: ذكر العلة أنه يفضي إلى تكذيب الله ورسوله، ولو لم يتعمَّد المنكر.

الخامسة: كلام ابن عباس لمن استنكر شيئا من ذلك، وأنه هلكة.

......................................................................................................

وتحريفهم لمعنى الآيات يبين معنى قول ابن عباس، وسبب هذه البدع جهل أهلها وقصورهم في الفهم٢ وعدم أخذ العلوم الشرعية على وجهها، وتلقيها من أهلها العارفين لمعناها الذين وفقهم الله تعالى لمعرفة المراد، والتوفيق بين النصوص، والقطع بأن بعضها لا يخالف بعضا، ورد المتشابه إلى المحكم، وهذه طريقة أهل السنة والجماعة في كل زمان ومكان، فلله الحمد لا نحصي ثناء عليه.

قوله: "ولما سمعت قريش رسول الله صلي الله عليه وسلم يذكر الرحمن أنكروا ذلك فأنزل الله فيهم: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} ٣ الآية " روى ابن جرير عن ابن عباس قال: " كان النبي صلي الله عليه وسلم يدعو ساجدا يا رحمن يا رحيم فقال المشركون: هذا يزعم أنه يدعو واحدا وهو يدعو مثنى مثنى. فأنزل الله: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ".


١ سورة الرعد آية: ٣٠.
٢ قال الأستاذ محمد رشيد رضا – رحمه الله -: "لا يعني فهم اللغة العربية؛ فإن الصحابة – رضي الله عنهم – لم يستذكروا شيئا من ذلك، ولم يروا أنهم في حاجة لسؤال النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم أهل اللغة، عرفوا آيات التنزيل فحالت عندهم دون حمل النصوص على التشبيه، فلم يشبهوا ولم يعطلوا، ولم يبتغوا الفتنة فيتأولوا".
٣ سورة الرعد آية: ٣٠.

<<  <   >  >>