للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال، بعيرا أتبلغ به في سفري، فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا، فأعطاك الله عز وجل المال؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت.

قال: أتى الأقرع في صورته، فقال له مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما رد على هذا، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت.

وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين وابن سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله. فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك " ١ أخرجاه.

فيه مسائل:

الأولى: تفسير الآية.

الثانية: ما معنى: {لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} ٢.


١ البخاري رقم (٣٤٦٤) في أحاديث الأنبباء: باب حديث أبرص وأقرع وأعمى ورقم (٦٦٥٣) في الأيمان والنذور: باب لا يقول ما شاء الله وشئت , ومسلم رقم (٢٩٦٤) في الزهد والرقائق، وفي الحديث الحث على الرفق بالضعفاء وإكرامهم وتبليغهم ما يطلبون مما يمكن , والحذر من كسر قلوبهم واحتقارهم , وفيه التحدث بنعمة الله تعالى وذم جحدها. قال الحافظ في الفتح ٦/٥٠٣: "وفي الحديث جواز ذكر ما اتفق لمن مضى ليتعظ به من سمعه، ولا يكون ذلك عيبة فيهم , ولعل هذا هو السر في ترك تسميتهم , ولم يفصح بما اتفق لهم بعد ذلك، والذي يظهر أن الأمر فيهم وقع كما قال الملك. وفيه التحذير من كفران النعم والترغيب في شكرها والاعترات بها وحمد الله عليها ٠ وفيه فضل الصدقة والحث على الرفق بالضعفاء وإكرامهم وتبليغهم مآربهم. وفيه الزجر عن البخل؛ لأنه حمل صاحبه على الكذب وعلى جحد نعمة الله تعالى" اهـ.
٢ سورة فصلت آية: ٥٠.

<<  <   >  >>