للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصل الإلحاد في كلام العرب العدول من القصد والميل. قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -:

وحقيقة الإلحاد فيها الميل بالإش ... راك والتعطيل والنكران

وأسماء الرب تعالى كلها أسماء وأوصاف دلت على كماله جل وعلا، والذي عليه أهل السنة والجماعة قاطبة متقدمهم ومتأخرهم إثبات الصفات التي وصف الله بها نفسه، ووصفه بها رسوله صلي الله عليه وسلم على ما يليق بجلال الله وعظمته، إثباتا بلا تمثيل، وتنزيها بلا تعطيل كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ١، وأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات يحتذى حذوه، فكما أنه يجب العلم بأن لله ذاتا حقيقة لا تشبه شيئا من ذوات المخلوقين، فله صفات حقيقة لا تشبه شيئا من صفات المخلوقين، فمن جحد شيئا مما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله، أو تأوله على غير ما ظهر من معناه فهو جهمي قد اتبع غير سبيل المؤمنين.. قال العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى -: فائدة جليلة ما يجري صفة أو خبرا على الرب تعالى أقسام:

أحدها: ما يرجع إلى نفس الذات كقولك: ذات وموجود.

الثاني: ما يرجع إلى صفات منعوتة كالعليم والقدير والسميع والبصير.

الثالث: ما يرجع إلى أفعاله كالخالق والرازق.

الرابع: التنزيه المحض ولا بد من تضمنه ثبوتا إذ لا كمال في العدم المحض، كالقدوس السلام.

الخامس: ولم يذكره أكثر الناس وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة لا يختص بصفة معينة، بل دال على معان نحو المجيد العظيم الصمد، فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال ولفظه يدل على هذا، فإنه موضوع للسعة والكثرة والزيادة، فمنه استمجد المرخ والعقار، وأمجد الناقة: علفها. ومنه {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} ٢ صفة للعرش لسعته وعظمته وشرفه، وتأمل كيف جاء هذا الاسم مقترنا بطلب الصلاة من الله على رسوله كما علمنا صلي الله عليه وسلم؛ لأنه في مقام طلب المزيد والتعرض لسعة العطاء وكثرته ودوامه، فأتى في هذا المطلوب باسم يقتضيه كما تقول: اغفر لي وارحمني إنك


١ سورة الشورى آية: ١١.
٢ سورة البروج آية: ١٥.

<<  <   >  >>