للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} ١ الآية.

في " الصحيح " عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزن، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان " ٢.

................................................................................................

المنافقين يوم أحد لخوفهم وجزعهم وخورهم. قال ابن إسحاق: فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: قال الزبير: " لقد رأيتني مع رسول الله صلي الله عليه وسلم حين اشتد علينا الخوف أرسل الله علينا النوم، فما منا رجل إلا ذقنه في صدره قال: فوالله إني لأسمع قول معتب بن قشير ما أسمعه إلا كالحلم: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} فحفظتها منه، وفي ذلك أنزل الله عز وجل: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} لقول معتب "رواه ابن أبي حاتم، وقال مجاهد عن جابر بن عبد الله: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي، يعني أنه هو الذي قال ذلك.

قوله: "في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز " " الحديث، اختصر المصنف هذا الحديث وتمامه: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير "إلى آخره.

قوله: " احرص على ما ينفعك "أي في دنياك وأخراك، وخص ما ينفع دون ما ليس كذلك مما فيه ضرر أو عدم نفع، وذلك لا يخرج عن الواجب والمستحب والمباح إذا كان نافعا.

قوله: " واستعن بالله "؛ لأنه لا يحصل له ذلك إلا إذا كان مستعينا بالله. قوله: "ولا تعجز " نهاه عن العجز؛ لأنه مما يذم به عقلا وشرعا، فما أكثر ذلك في الناس، فكم فوت الإنسان على نفسه من الخير وهو يقدر عليه إذا رغب فيه واستعان بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قوله:


١ سورة آل عمران آية: ١٦٨.
٢ رواه مسلم رقم (٢٦٦٤) في القدر: باب في الأمر بالقوة وترك العجز , والاستعانة بالله وتفويض المقادير لله عز وجل , وأحمد في " المسند " ٢/ ٣٦٦ و ٣٧٠ , وابن ماجه رقم (٧٩) و (٤٦١٨) قوله: "احرص على ما ينفعك " معناه احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده , واطلب الإعانة من الله على ذلك ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة ولا عن طلب الإعانة.

<<  <   >  >>