للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وله عن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا: " من تعلق تميمة فلا أتم الله

..................................................................................................

إلا وهنا، فإن المشرك يعامل بنقيض قصده؛ لأنه علق قلبه بما لا ينفعه ولا يدفع عنه، فإذا كان هذا بحلقة صفر فما الظن بما هو أطم وأعظم كما وقع من عبادة القبور والمشاهد والطواغيت وغيرها كما لا يخفى على من له أدنى مسكة من عقل، قال المصنف - رحمه الله تعالى -: "فيه شاهد لكلام بعض الصحابة أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر، وأنه لم يعذر بالجهالة". لقوله: "فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا "، والفلاح هو الفوز والظفر والسعادة.

قوله: "رواه أحمد بسند لا بأس به " هو الإمام أحمد بن محمد بن هلال بن أسد الشيباني أبو عبد الله المروزي ثم البغدادي، إمام أهل عصره وأعلمهم بالفقه والحديث وأشدهم ورعا، وهو الذي يقول فيه بعض أهل السنة: عن الدنيا ما كان أصبره، وبالماضين ما كان أشبهه، أتته الدنيا فأباها، والشبه فنفاها. روى عن الشافعي وزيد بن هارون وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان وابن عيينة وعبد الرزاق وخلق لا يحصون، مات سنة إحدى وأربعين ومائتين، وله سبع وسبعون سنة - رحمه الله تعالى -.

قوله: "وله عن عقبة بن عامر مرفوعا: " من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا ودع الله له ". وفي رواية: " من علق تميمة فقد أشرك ".

عقبة بن عامر صحابي مشهور ففيه فاضل، ولي إمارة مصر لمعاوية ثلاث سنين، ومات قريبا من الستين.

وهذا الحديث فيه التصريح بأن تعليق التمائم شرك لما يقصده من علقها لدفع ما يضره أو جلب ما ينفعه، وهذا أيضا ينافي كمال الإخلاص الذي هو معنى لا إله إلا الله؛ لأن المخلص لا يلتفت قلبه لطلب نفع أو دفع ضر من سوى الله، كما تقدم في قوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} ١، فكمال التوحيد لا يحصل إلا بترك ذلك، وإن كان من الشرك الأصغر فهو عظيم، فإذا كان قد خفي على بعض الصحابة - رضي الله عنهم - في عهد النبوة فكيف لا يخفى على من هو دونهم في العلم والإيمان بمراتب بعدما حدث من البدع والشرك؟ كما في الأحاديث الصحيحة، وتقدمت الإشارة إلى ذلك. وهذا مما يبين معنى لا إله إلا الله أيضا، فإنها نفت كل الشرك قليله وكثيره، كما قال تعالى:


١ سورة النساء آية: ١٢٥.

<<  <   >  >>