للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى أحمد عن رويفع قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: "يا رويفع! لعل الحياة تطول بك، فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلد وترا، أو استنجى برجيع دابة أو عظم، فإن محمدا بريء منه " ١.

..................................................................................................

الخطيب: سكن الكوفة وقدم المدائن في حياة حذيفة وكان ثقة.

قوله: " من تعلق شيئا وكل إليه " ٢ التعلق يكون بالقلب وينشأ عنه القول والفعل، وهو التفاف القلب عن الله إلى شيء يعتقد أنه ينفعه أو يدفع عنه كما تقدم بيانه في الأحاديث في هذا الباب والذي قبله، وهو ينافي قوله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ٣، فإن كان من الشرك الأصغر فهو ينافي كمال التوحيد، وإن كان من الشرك الأكبر كعبادة أرباب القبور والمشاهد والطواغيت ونحو ذلك فهو كفر بالله، وخروج من دين الإسلام، ولا يصح معه قول ولا عمل.

قوله: "وكل إليه " أي وكله الله إليه، إلى ما علق قلبه به من دون الله، ومن وكله الله إلى غيره ضل وهلك، قال الإمام أحمد: حدثنا هشام بن قاسم حدثنا أبو سعيد المؤدب حدثنا من سمع عطاء الخراساني قال: لقيت وهب بن منبه وهو يطوف بالبيت فقلت: حدثني بحديث أحفظه عنك في مقامي هذا وأوجز، قال: نعم، أوحى الله إلى داود - عليه السلام - " يا داود أما وعزتي وعظمتي لا يعتصم بي عبد من عبيدي دون خلقي أعرف ذلك من نيته فتكيده السماوات السبع ومن فيهن والأرضون السبع ومن فيهن إلا جعلت له من بينهن فرجا ومخرجا، أما وعزتي وعظمتي ما يعتصم عبد من عبيدي بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماء من يده وأسخت الأرض من تحت قدميه ثم لا أبالي بأي واد هلك "وشاهد هذا في القرآن فتدبر.

قوله: وروى أحمد عن رويفع قال: قال لي رسول الله:صلي الله عليه وسلم " يا رويفع لعل الحياة تطول بك فأخبر الناس أن من عقد لحيته، أو تقلد وترا، أو استنجى برجيع دابة، أو عظم، فإن محمدا بريء منه ". رويفع هو ابن ثابت بن السكن بن عدي بن الحارث الأنصاري نزل


١ رواه ابو داوود رقم ٣٦ في الطهارة: باب ما ينهى عنه وما يستنجى به، والنسائي ٨/١٣٥ في الزينة: باب عقد اللحية، واحمد في المسند ٤/١٠٨،١٠٩، وهو حديث صحيح كما قال الألباني في صحيح الجامع رقم ٧٧٨٧.
٢ الترمذي: الطب (٢٠٧٢) .
٣ سورة البقرة آية: ١١٢.

<<  <   >  >>