للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: " نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة، فسأل النبي صلي الله عليه وسلم فقال: " هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ " قالوا: لا. قال: " فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ " قالوا: لا. فقال

.........................................................................................

وأهل العلة في الليلة الشاتية فقال: "إنا على سفر ولكن إذا رجعنا إن شاء الله"، فلما قفل عليه السلام راجعا إلى المدينة ولم يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعضه نزل الوحي بخبر المسجد، فبعث إليه وهدمه قبل قدومه إلى المدينة صلوات الله وسلامه عليه، وأنزل الله فيه هذه الآيات. ووجه مطابقة الآية للترجمة أن هذا المسجد لما أسس على معصية الله والكفر به صار محل غضب، فنهى الله نبيه صلي الله عليه وسلم أن يقوم فيه لوجود العلة المانعة، وخرج مخرج الخصوص والنهي عام، وما كان مثله من الأمكنة فإنه يعطى حكمه؛ لأن المعصية صيرته محلا خبيثا وأثرت فيه بالنهي عن العبادة فيه، ويقابل ذلك المساجد وهي أشرف بقاع الأرض، قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ. رِجَالٌ} ١ الآية. فما أحسن هذا القياس، ويأتي تقريره في الحديث في الباب إن شاء الله تعالى.

قوله: "عن ثابت بن الضحاك " أي ابن خليفة الأشهلي صحابي مشهور روى عنه أبو قلابة وغيره مات سنة أربع وستين. قوله: "ببوانة " بضم الباء وقيل بفتحها. قال البغوي: موضع في أسفل مكة دون يلملم. قال أبو السعادات: هضبة من وراء ينبع. قوله: " فهل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ " فيه المنع من الوفاء بالنذر إذا كان في المكان وثن ولو بعد زواله قاله المصنف - رحمه الله تعالى - وهو شاهد الترجمة. قوله: "فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ " قال شيخ الإسلام: "العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد إما بعود السنة أو بعود الأسبوع أو الشهر ونحوه، والمراد به هنا الاجتماع المعتاد من اجتماع أهل الجاهلية، فالعيد يجمع أمورا: "منها " يوم عائد كيوم الفطر ويوم الجمعة. ومنها اجتماع فيه، ومنها أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات، وقد يختص العيد بمكان بعينه، وقد يكون مطلقا، وكل من هذه الأمور قد يسمى عيدا، في الزمان كقول النبي صلي الله عليه وسلم في يوم الجمعة: " إن هذا يوم جعله الله للمسلمين عيدا "٢، وللاجتماع والأعمال كقول


١ سورة النور آية: ٣٦.
٢ أحمد في " المسند " ٢ / ٣٠٣ و ٥٣٢ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه , ومالك في " الموطأ" ١/٦٥ في الطهارة: باب ما جاء في السواك عن ابن السباق مرسلا , وقد وصله ابن ماجه رقم (١٠٩٨) في إقامة الصلاة: باب ما جاء في الزينة يوم الجمعة من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -, وهو حديث حسن.

<<  <   >  >>