للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ. وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} ١ الآية {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ} ٢، وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} ٣ الآيتان، وقوله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} ٤.

..................................................................................................

بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ} هذا في حق المستغيث، أخبر الله تعالى أنه هو الذي يتفضل على من سأله ولا يقدر أحد أن يمنعه شيئا من فضل الله عليه فهو المعطي والمانع، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وفي هذا المعنى ما في حديث ابن عباس.

وفيه: " واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك "٥ فمن تدبر هذه الآية وما في معناها علم أن ما وقع فيه الأكثر من دعوة غير الله هو الظلم العظيم، والشرك الذي لا يغفر، وأنهم قد أثبتوا ما نفته لا إله إلا الله من الشرك في الإلهية، ونفوا ما أثبتته من الإخلاص كما قال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ. أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ٦ والدين هو طاعة الله فيما أمر به وشرعه ونهى عنه وحرمه، وأعظم ما أمر به التوحيد والإخلاص، وأن لا يقصد العبد بشيء من عمله سوى الله تعالى الذي خلقه لعبادته، وأرسل بذلك رسله، وأنزل به كتبه {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} ٧، وأعظم ما نهى عنه الشرك به في ربوبيته وإلهيته. قوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ. وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} ٨.

فهذه الآية تبين وتوضح ما تقرر في الآية قبلها، فأخبر تعالى أنه لا أضل ممن يدعو أحدا من دونه كائنا من كان، وأخبر أن المدعو لا يستجيب لما طلب منه من ميت أو غائب أو ممن لا يقدر على الاستجابة مطلقا من طاغوت ووثن، فليس لمن دعا غير الله إلا الخيبة والخسران، ثم قال تعالى: {وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} ٩ كما قال في آية يونس: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ} ١٠ إلى قوله: {فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} ١١. ثم قال: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} ١٢ فلا يحصل للمشرك يوم القيامة إلا نقيض قصده، فيتبرأ منه ومن عبادته، وينكر ذلك عليه أشد الإنكار، وقد صار المدعو


١ سورة آية: ١٠٦-١٠٧.
٢ سورة العنكبوت آية: ١٧.
٣ سورة الأحقاف آية: ٥ – ٦.
٤ سورة النمل آية: ٦٢.
٥ تقدم تخريجه ص (٥٣) رقم (٢) .
٦ سورة الزمر آية: ٢-٣.
٧ سورة النساء آية: ١٦٥.
٨ سورة الأحقاف آية: ٥-٦.
٩ سورة الأحقاف آية: ٥.
١٠ سورة يونس آية: ٢٨.
١١ سورة يونس آية: ٢٩.
١٢ سورة الأحقاف آية: ٦.

<<  <   >  >>