للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} "١".

الجواب بيقين: لاشيء على الإطلاق!.

إن الحال ستكون بعكس ما كان يحرص عليه العاملون للدنيا!.

وأما بالنسبة للعاملين للآخرة في هذه الحياة، فإن جزاءهم سيكون بتبدل حالهم إلى عكس ما كانوا عليه هنا؛ فقد تحملوا عناء الصبر في دنيا الناس، وآثروا الباقي على الفاني؛ فما أحراهم في ذلك اليوم أن يقبضوا الثمن من الرب الكريم سبحانه؛ فسيتبدل الهم سرورا، وسيتبدل الخوف أمنا، وسيتبدل العطش ريا، وسيتبدل الجوع شبعا، وسيتبدل التعب راحة، وسيتبدل، وسيتبدل، وسيتبدل ... إلى آخر ما لا يمكن حصره.

ألا يتبين بهذا أن من الحياة في هذه الدنيا ما هو في الحقيقة موت، وأن من الموت ما هو في الحقيقة حياة!.

أليس هذا الانعكاس راجعا إلى سر الاختيار عند الإنسان، وليس راجعا لمجرد الحياة ذاتها أو الأجل!.

فإذا اختار الإنسان في هذه الدنيا الحياة الحقيقية كانت حياته حياة حقيقية، وإذا اختار الموت الحقيقي كانت حياته موتا!.

أليس مصداق ذلك-على سبيل المثال-في مثل قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} "٢".


"١" ٢٠٥-٢٠٧: الشعراء: ٢٦.
"٢" ١٦٩: آل عمران: ٣.

<<  <   >  >>