للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقرب إلى الملك من الطلب أقرب إلى الملك من الطلب، فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وهؤلاء مشبهون شبهوا الخالق بالمخلوق، وجعلوا الله أنداداً وفي القرآن من الرد على هؤلاء مالا تتسع له هذه الفتوى.

فإن هذا دين المشركين عباد الأوثان كانوا يقولون إنها تماثيل الأنبياء والصالحين، وأنها وسائل يتقربون بها إلى الله تعالى وهو من الشرك الذي أنكره الله على النصارى حيث قال: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} أي فليستجيبوا لي إذا دعوتهم بالأمر، والنهي ويؤمنوا بي أني أجيب دعاءهم لي بالمسألة، والتضرع وقال تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (الشرح:٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} .

وقد بين الله هذا التوحيد في كتابه وحسم مواد الاشراك به حيث لا يخاف أحد غير الله، ولا يرجو سواه، ولا يتوكل إلا عليه قال تعالى: {فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} وقال تعالى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وقال: {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ} وقال: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} فبين أن الطاعة لله والرسول وأما الخشية والتقوى فلله وحده وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} فبين أن الاتياء لله والرسول وأما الحسب فهو لله وحده كما قالوا حسبنا الله ولم يقولوا حسبنا الله ورسوله ونظيره قوله تعالى {فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق هذا التوحيد لأمته ويحسم عنهم مواد الشرك وهذا تحقيق قولنا لا إله إلا الله فان إلا له هو الذي تؤلهه القلوب بالمحبة والتعظيم والإجلال والإكرام والخوف حتى قال لهم: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد" وقال له رجل: ما شاء الله وشئت. قال: "أجعلتني لله نداً بل ما شاء الله وحده" وقال لابن عباس: "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله"وقال: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فانما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله"وقال: " لا تتخذوا قبري عيداً وصلوا علي حيث ما كنتم فان صلاتكم تبلغني" وقال في مرضه "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا" قالت عائشة رضي الله عنها: ولولا ذلك لابرز قبره ولكن خشى أن يتخذ مسجدا، وهذا باب واسع انتهى ما لخصته من كلام الشيخ في مسألة الوسائط.

وقال رحمه الله في موضع آخر: والله سبحانه وتعالى لم يجعل أحداً من الأنبياء والمؤمنين واسطة في شيء من الربوبية، والالهية مثل، ما ينفرد به من الخلق والرزق وأجابة الدعاء، والنصر على الأعداء وقضاء الحاجات، وتفريج الكربات، بل غاية ما يكون العبد سبباً مثل أن يدعو ويشفع والله تعالى قال: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} وقال تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} وقال تعالى: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .

<<  <   >  >>