للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو الغالب على لسانه وهو لا ينكر ذلك.. ويزعم أنه باب حاجته إلى الله وشفيعه عنده، ووسيلته إليه، وهكذا كان عباد الأصنام سواء.

وهذا القدر هو الذي قام بقلوبهم يتوارثه المشركون بحسب اختلاف آلهتهم فأولئك كانت آلهتهم من الحجر وغيرهم اتخذوها من البشر قال تعالى حاكياً عن أسلاف هؤلاء المشركين: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} فهذا حال من اتخذا من دون الله ولياً يزعم أنه يقربه إلى الله، وما أعز من يتخلص من هذا؟ بل ما أعز من لا يعادي من أنكره؟ والذي قام في قلوب هؤلاء المشركين وسلفهم ان آلهتهم تشفع لهم عند الله، وهذا عين الشرك وقد أنكر الله عليهم في كتابه وأبطله، وأخبر أن الشفاعة كلها له وأنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه لمن رضي قوله وعمله، وهم أهل التوحيد الذين لم يتخذوا من دون الله شفعاء ثم ساق كلاماً طوبلاً وقرره أحسن تقرير.

فتأمل كلامه هذا حيث قرر أن الذي يفعله مشركو زمانه هو عين الشرك الذي فعله المشركون الأولون، ثم قال: وما أعز من يتخلص من هذا بل ما أعز من لا يعادي من أنكره؟ ففي هذا شاهد لصحة الحديث الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بداً" وقوله فيما صح عنه صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه" قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال"فمن؟ " أخرجاه في الصحيحين.

وقال الشيخ أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في رسالته التسعينية لما تكلم على حديث الخوارج، فإذا كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه ممن انتسب إلى الإسلام من قد مرق منه مع عبادته العظيمة فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام في هذا الزمان قد يمرق أيضاً وذلك بأمور: منها الغلو الذي ذمه الله كالغلو في المشائخ كالشيخ عدي، بل الغلو في علي بن أبي طالب، بل الغلو في المسيح فكل من غلا في نبي أو في رجل صالح، وجعل فيه نوعاً من الالهية مثل: أن يدعوه من دون الله بان يقول يا سيدي فلان أغثني وأنا في حسبك فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فان تاب وإلا قتل، فان الله أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبد وحده، ولا يجعل معه الها آخر والذين يجعلون مع الله آلهة أخرى مثل الملائكة والمسيح وعزير والصالحين. أو قبورهم لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق وترزق، وإنما كانوا يدعونهم يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله فبعث الله الرسل تنهي أن يدعي أحد من دونه لادعاء عبادة ولا دعاء استغاثة انتهى.

وقال أبو الوفاء ابن عقيل رحمه الله: لما صعبت التكاليف على الجهال والطعام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى أوضاع وضعوها لأنفسهم فسهلت عليهم، إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم قال: وهم عندي كفار بهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور وإكرامها بما نهى عنه الشرع من ايقاد السرج، وتقبيلها، وتخليقها، وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرقاع فيها يا مولاي أفعل بي كذا وكذا وأخذ تربتها تبركاً، وافاضة الطيب على

<<  <   >  >>